بماذا نحدد الزمن ؟؟؟
لا أحد في الكون يستطيع إعطاء تعريفا للزمن و لا تحديد ماهيته و الذي نستطيعه إلى يوم الناس هذا هو إعطاء تعريف للمدة بين نقطتين من الزمن. نحن هنا في محاولة فهم آلية الزمن الفيزيائي و ليس النفسي، وفي الحديث عن الفيزياء ينبغي أن يكون لكل مصطلح دليله الموضوعي في الوجود. هب أنّنا في كون لا يتحرك أي جزء فيه، و لا حدث فيه، هل الزمن موجود فيه؟ إذا أجبنا بالنفي فجوابنا سيكون فلسفيا محضا لانّنا و بكل بساطة نعيش في كون متحرك.
أريد أن نبدأ الحديث بمنهجية تاريخية، فهي وحدها التي تسمح لنا بالفهم العميق لطريقة الإنسان في فهم أسماء الكون و التفاعل معه وهي وحدها التي تستطيع أن تفسح لنا المجال لتغيير المفاهيم.
سؤالي :
بماذا استطعنا تحديد الزمن على الأرض منذ مجيء الإنسان الأول إلى يومنا هذا؟
كذا إذن حدد الإنسان مدة الزمن برؤيته لأكبر جرمين قريبين منه الشمس و القمر. فالأول يعود كل صباح و الثاني يعود بدرا ثم يخفت في تعاقب مستمر. حدد الإنسان مدة الزمن بملاحظة السماء. و هب أنّ السماء كانت ضبابا لا تسمح برؤية الشمس و لا القمر، هل كان بمقدور الإنسان الأول الوصول إلى تقسيم مدة الزمن من ملاحظة ما يجري حوله و كيف ؟
كيف استطاع الإنسان الأول أن يقسم الزمن إلى وحدات متساوية وهل اختلف هذا التقسيم في الحضارات المختلفة؟
كيف وصل الإنسان إلى تقسيم السنة إلى شهور و الشهر إلى أسابيع ؟
و كيف استطاع الإنسان أن يقسم اليوم إلى وحدات؟
الزمن موجود لأنّنا نستطيع قياسه مع أنّ ما لا نستطع قياسه لا يمكننا نفي وجوده. ما يمكن قياسه فهو موجود. الفيزياء في بحثها هي إيجاد العلاقات بين المقاييس الكونية. وما لا يقاس لا يمكننا وضعه في معادلة رياضية فيزيائية.
إن تحديد الانسان للزمن جرى من خلال تحديد الظاهرات التي تتكرر بفترات دورية، ولكن كيف يحدد الزمن في داخل نفس الدورة؟ عندما يحدد الانسان الاول اليوم بطلوع وغروب الشمس، كيف يحدد الزمن داخل اليوم ذاته؟ الأحداث evenements الدورية cycle هي من تحددالزمن عند الكائنات فكيف يحدد التقسيم داخل نفس الدور ؟
بالظل طبعا ولكن المشكلة ان الظل يختلف ضمن الدورة السنوية للفصول، بل حتى في كل يوم، ومن يريد تحديد الزمن اليومي سيسقط في مشكلات كبيرة. و لقد حاولت الإنسانية إستخدام الظل و اقتنعت أنّها لا نستطيع به إلاّ تحديد وقت الهاجرة حين ينقسم الظل على نفسه. و مع أنّ السؤال عام إلاّ أنّ هذا المثال يوضح صعوبة تحديد الزمن داخل دور معين دون وجود دور داخل هذا الدور. و الشيء الأكيد أنّ الدورcycle أساس في تحديد الإنسان للزمن.
طلوع الشمس وغروبها دور، القمر وبدره دور، ظهور بعض النجوم و اختفاءها دور، وحتّى إن كان هذا الدور ليس ثابثا فهو بالمعنى العام دور مقبول إذ ان نسبة ابتعاده عن مقدار الدور بسيطة.
الإنسان في مسيرته حاول دائما تحديد الزمن بربط حدثين، فهو لا يستطيع تحديد الزمن إلاّ بربط حدثين X و Y. و لكن Y يجب ربطه بحدث آخر Z وهكذا إلى أن نصل إلى حدث دوري cyclique أوّلي منه ينطلق.
إذا كان الأمر هكذا فهل في الكون حدث دوري مطلق نقيس به وحدات زمن مطلقة أم أنّنا لا نستطيع إلاّ تحديد زمن نسبي في المحور الذي نحن فيه؟
إذا كنّا نحدد اليوم قياسا بدوران الأرض حول نفسها و الشهر بدوران القمر حول الأرض و السنة بدوران الأرض حول الشمس و قياس ساعات اليوم بحركات ميكانيكية من سقوط الماء أو الرمل في رملي clepsydre أو حركة ترديدية ليد الساعة الكبيرة أو حركة تعتمد سنة فيزيائية معينة مضبوطة الترديد أو ساعة تعتمد إشعاع ذرات السزيوم atomic horloge of sicium radioactivity أو تقسيم يعتمد الإشعاع في حرارة تقترب من الصفر الكليفيني absolute temperature فإنّنا في كل هذا نعتمد سننا و قوانين دورية. وكل هذه السنن تحمل نسب أخطاء يعرفها الناس و يحددونها حسابيا. و السؤال المركزي :
هل في الكون شيء يسمح بتحديد وحدات زمن مطلقة؟ هل لو تعرفنا على كائنات خارج مجرتنا يعيشون في فلك شمسي يختلف عن شمسنا يمكننا أن نحدد معهم مفهوم الزمن باعتماد هذا الزمن المطلق .
